يوم الارض الفلسطيني ..نداء الثورة والوحدة الذي لا يموت ( دروس وتأملات مستقبلية )

بقلم د. رفعت سيد أحمد        

                                 مفتتح : في الذكري السابعة والاربعين ليوم الارض الفلسطيني لا نجد أجمل ولا أدق تعبيرا  عن المحبة الدافقة لفلسطين :الوطن والقضية من كلمات الصديق الراحل الشاعر الفلسطيني الكبير / مريد البرغوثي في قصيدته الاجمل والتي تلخص (المعاناة والقضية وثوابتها لدي الفلسطيني الحق) في قوله الخالد مناجيا وطنه  وشعبه وقضيته :                                                           

                                 طال الشتات وعافت خطونا المدنُ

وأنت تمعن بعداً أيها الوطنُ

كأن حُبّك ركضٌ نحو تهلكة

ونحن نركض لا نبطي ولا نهنُ

يقولُ من لم يجرب ما نكابدُهُ…..كأن أجملهم  بالموت قد فتنوا                 ولو حكي الموت بالفصحي لصاح بنا .. كفي ازدحاما علي كفي وإتزنوا          

: الي أن يقول  في نهاية قصيدته مخاطبا وطنه السليب

  

  إرجع فديتك إن قبرا وإن سكنا فدونك الارض لا قبر ولا سكن          

           ******

هذا هو حال الفلسطيني الحق في زمن التطبيع والتخلي الرسمي العربي عن القضية ..-الفلسطيني الحق في الداخل أو في الشتات- لم ينسي أرضه  ولن ينساها  وسيظل يقاوم ليحررها ويعود اليها ..هكذا تتحدث الحقائق الجديدة  في الوطن الفلسطيني (من انتفاضات وعمليات إستشهاد لم يشهد التاريخ الانساني مثيلا لروعتها)  ومن قبل تلك الحقائق وبعدها تتحدث سنن التاريخ وقوانينه  القاطعة ..بأن مصير المحتل  لإرض تقاوم ..هو الزوال حتما …فماذا تقول الذكري السابعة والاربعين ليوم الارض ؟                        

         ****      

                                          أولا : في مثل هذة الأيام من العام 1976 وقعت أحداث يوم الأرض  في فلسطين  والتي يؤرّخ لها ب ((30/3/1976)) حين استشهد ستة فلسطينيين وأصيب المئات دفاعاً عن أرضهم التى صودِرت منها آلاف الدونمات  فخرجت التظاهرات من الخليل إلى النقب وارتفع الشهداء  الستة والذين سجل التاريخ والوثائق أسماءهم وبلدانهم بحروف من نور  ظل يضاء سماء فلسطين حتي يومنا هذا  …وتلك أسمائهم وبلدانهم :

الاسم العمر تاريخ الاستشهاد البلد مكان الاستشهاد
خديجة قاسم شواهنة 23 30آذار-مارس /1976 سخنين سخنين
خير أحمد ياسين 23 29 آذار-مارس 1976 عرابة عرابة
رجا حسين أبو ريا 23 30 آذار-مارس /1976 سخنين سخنين
خضر عيد محمود خلايلة 24[] 30 آذار-مارس /1976 سخنين سخنين
محسن حسن سيد طه 15 30 آذار-مارس /1976 كفركنا كفركنا
رأفت علي زهيري 20 30 آذار-مارس /1976 مخيم نور شمس الطيبة

                ******         

                                                            ثانيا :توالت بعد تلك الايام المجيدة قوافل الشهداء وإستمرت عمليات المقاومة لكافة القوي والفصائل  من (فتح الي حماس الي الجهاد الاسلامي والشعبية وصولا الي عرين الاسود و كل قوي المقاومة الشريفة ..وفي الذكري السابعة والاربعين  تقول الحقائق علي الارض أن هذا الشعب الفلسطيني العظيم قدم الاف الشهداء من أجل هذة الارض التي نحتفل اليوم بذكري عيدها ال 47 وللتدليل علي عمق إرتباط الفلسطيني بأرضه  وأن  دمه فداء لها ولتأكيد ذل لنتأمل  أنه فقط في الشهور الثلاثة الاولي  من عام 2023  قدم هذا العدد من الشهداء من كافة المدن الفلسطينية  دفاعا عن قضيته ووطنه  ( ٨٨ شهيداً )، بينهم ١٧ شهيداً من الأطفال، وشهيدة من النساء ويتوزع الشهداء كالتالي (وفقا لوزارة الصحة الفلسطينية ):

محافظة جنين: ٣٥ شهيدا

محافظة نابلس: ٢١ شهيداً

محافظة الخليل: ٧ شهداء

محافظة القدس: ٦ شهداء

محافظة أريحا والأغوار: ٥ شهداء

محافظة قلقيلية: ٥ شهداء

محافظة رام الله والبيرة: ٣ شهداء

قطاع غزة : شهيدان

محافظة بيت لحم: شهيدان

محافظة سلفيت: شهيد …والرسالة هي أن شعبا يقدم هذا العدد من الشهداء في تلك الفترة الزمنية  القليلة لهو شعب متمسك بأرضه ..متمسك بقضيته .. ولن يفرط في شبر منها ولن يؤمن بسلام أو إتفاقات تنتقص من خريطتها وجغرافيتها التي هي لدي كل الفلسطينين الشرفاءخريطة تمتد (من البحر الي النهر ) وأن الصهاينة  في فلسطين ؛(غرباء ومحتلون ) والطريف هنا أن تلك الحقيقة التي يؤمن بها الفلسطينيون كافة  ..أكدها قبل فترة أحد أشهر علماء الاثار الاسرائيلين (زئيف هيرتزوج) الذي قال :سبعون عاما من الحفر والتنقيب في إسرائيل وصلنا الي طريق مسدود الامر كله مختلق لم نجد دليلا واحدا يؤكد وجودنا التاريخي علي هذة الارض، فنحن لم نهاجر الي مصر ولم نرحل الي هناك اطلاقا ولم نجد أي ذكر لاسم داوود وسليمان هنا..و لم نجد نجمة داوود ولا الشمعدان المقدس… الباحثون والمختصون يعرفون هذا الشئ جيدا ولكن العامة لا يعرفون ..والمؤكد لدي هو إما أننا في المكان الخطأ او ان كل ما ورد في التوراة عن الملك داوود وسليمان هو مجرد خرافات واساطير )                                                 ********            

                 ثالثا:  وفي الذكري السابعة والاربعين ليوم الارض الفلسطيني  يهمنا  هنا واليوم تحديد  وفي أجواء هرولة المطبعين العرب ناحية العدو الصهيوني ..من المهم أن نفند أكذوبة تاريخية  ترتبط بالارض  ..أكذوبة يروجها الان ليس (الصهاينة فقط) بل بعض العرب ممن يطبع مع الكيان الصهيوني ..يروجها ليبرر تطبيعه  وإعترافه بإسرائيل ..تلك  أكذوبة (أن الفلسطينين باعو أرضهم للاسرائيلين ) إنها للاسف أكذوبة لاتزال تتردّد، ولايزال البعض من نخبة إعلامنا العربي وسياسيه يردّدها من دون حياء، إننا نقدّم اليوم طرفاً من الحقيقة، والتي تقول سطورها أن من باع الأراضي ليس الشعب الفلسطيني، ولكن الاحتلال البريطاني والتركي قبله فضلاً عن بعض أثرياء العرب الخوَنة ممن كانوا يمتلكون وقتها آلاف الأفدنة أو(الدونمات بالتعبير الفلسطيني والشامي)؛ داخل فلسطين، بحُكم وحدة أراضي بلاد الشام التي كانت فلسطين إحدى.* لقد دأب فريق من النُخبة الإعلامية والسياسية المطبعة علي ترديد ذلك لكن التاريخ يفضح ويكشف تلك الاكذوبة .

 إن الحقائق التاريخية تقول أنه في الفترة ما بين 1929 و1947 قُتِل أكثر من 15 ألف فلسطيني وعربي على يد الانجليز والمُسلّحين اليهود وتم تهجير الآلاف من بيوتهم وقراهم .. وتم تدمير وقتل أهالى 531 قرية بالكامل.

– عندما زادت وتيرة الهجرة اليهودية لفلسطين التاريخية وزادت أيضاً وتيرة المقاومة الفلسطينية في مواجهة عُنف المستعمر البريطاني واليهودي امتنع الفلسطينيون عن بيع أراضيهم أو التعامل مع اليهود، ما دفع البريطانيين  لسياسة تخصيص أراضي الدولة التي في حيازتهم لليهود .. لإنشاء المستوطنات ومشروعات توليد الكهرباء والمصانع وخلافه.

ويحدّثنا التاريخ أن إنجلترا استخدمت وسيلة خطيرة لهذا الهدف وهي استخدام بعض الأثرياء العرب وخصوصاً من العائلات المُهاجرة لأوروبا وأميركا للعب دور الوسيط .. يتم الشراء بمساحات كبيرة جداً وأسعار عالية باسمهم من الفلسطينيين، ثم عند إعلان دولة إسرائيل باعوا هذه الأراضي لليهود.

 إن التاريخ ووثائقه يؤكّد أن إجمالى مساحة الأراضي التي وقعت تحت أيدي اليهود حتى عام 1948 من غير قتال أو حرب كانت حوالى 2 مليون دونم، أي ما يعادل 8.8% من مساحة فلسطين التي تبلغ 27 مليون دونم.

 هذا ويحدّثنا التاريخ أن الصهاينة حصلوا على تلك الأرض (2 مليون دونم) عبر وسائل عدّة نذكر منها : 

1-:  مساحة 650.000 دونماً (ستمائة وخمسين ألف دونم) حصلوا على جزء منها كأية أقلية في فلسطين منذ مئات السنين، وتملك أرضاً تعيش عليها، وحصلوا على الجزء الآخر بمساعدة الولاة الأتراك.

2-: مساحة 665 ألف دونم (ستمائة وخمسة وستين ألف دونم) حصل عليها اليهود الصهاينة بمساعدة حكومة الانتداب البريطاني المباشرة، وتحديداً من خلال المندوب السامي البريطاني وعلاقاته المشبوهة بالوكالة اليهودية.

3-: مساحة 606 آلاف دونم (ستمائة وستة آلاف دونم) قام اليهود الصهاينة بشرائها من إقطاعيين عرب كانت لهم ملكيات واسعة في فلسطين. وهنا يحدّثنا التاريخ أن أبرز تلك العائلات أتى من لبنان وسوريا ومنها من لبنان : (آل سرسق – آل تويني – آل سلام – آل الصباغ – محمّد بيهم – جوزف خديج – خير الدين الأحدب (رئيس وزراء سابق) – آل الخورى) ومن سوريا : (آل ماردينى – آل اليوسف – آل القوتلي – آل الجزائرلي – الشمعة – العمري – مدام عمران .. وغيرهم) .

4-: باقي الأراضى التي استحوذ عليها اليهود كانت عبر الإرهاب والقوة المُسلّحة ودير ياسين نموذجاً لذلك                                         

                              *******

– *إن التاريخ يحدّثنا أنه عند قرار التقسيم سنة 1947 كانت ملكية الاسرائيليين  للأراضي لا تتعدّي 2 مليون دونم – كما سبق وأشرنا – من كامل مساحة فلسطين، ولكنهم بالقوة المُسلّحة والعدوان والقتل والتهجير الإجرامى من ناحية، وبالأساليب السابقة للشراء عبر وسطاء ومن عائلات غير فلسطينية من ناحية أخرى، وعبر ضِعاف النفوس من الفلسطينيين أيضاً والذين تمت تصفيتهم على أيدى الحركة الوطنية الفلسطينية لاحقاً، تمكّنوا من احتلال أجزاء كبيرة من فلسطين الحبيبة.

 **********      

                                                                                                                       رابعا: اليوم ونحن في العام 2023 وبعد  75 عاما علي حرب 1948 و47 عاماعلي يوم الارض  نري أن أبلغ  الدروس لتلك الذكري هي أن (حرب 1948 وذكري يوم الارض 1976 …لم ينتهي بعد  ولازالا حيين  خالدين مستمريين ) لماذا ؟ لان هناك شعب يقاوم ومن يقاوم لايهزم ومن ثم حرب النكبة لم تغلق بعد وسيظل كتابها مفتوحا وسيكتب الشعب الفسطيني الصامد في أرضه ..نهايتها بيده لا بيد الاسرائيلين الغزاة ..صحيح قد تطول المعاناة وقد تدفع تضحيات آخري مثل التي دفعت ..إن لم تكن أشد ولكن حتما – ولانشك في ذلك أبدا – النصر لاصحاب الارض ..لانهم أصحاب الحق  ووفق سنن التاريخ وقوانينه القاطعة  سينتصرون حتما ..فقط هم يحتاجون منا –نحن أبناء الامة العربية والاسلامية – الي المساندة الحقة والجادة  بالمال والسلاح والسياسية وليس ب(التطبيع والهرولة ) كما فعلت بعض الانظمة  منذ كامب ديفيد 1978 وحتي اليوم ..لقد أضرت تلك الاتفاقات  بالنضال الفلسطيني وطعنت المقاومة في ظهرها ولاتزال الطعنات من (ذوي القربي ) لللاسف ..تتري ..وإدعاء أصحابها بأنها تدعم النضال الفلسطيني  بالسياسة  هو إدعاء كاذب وحقائق الدم الفلسطيني المسفوك علي الارض الفلسطينية الطاهرة ؛شاهد ودليل..فتلك الاتفاقات البائسة لم تمنع بل زادت من  معاناة الشعب الفلسطيني و أضرت بحقوقه و مقدساته وأرضه …ولنتأمل علي سبيل المثال  لبؤس تلك الاتفاقات أن عدد المستوطنين الصهاينة في الضفة الغربية وحدها  زاد منذ توقيع إتفاق أوسلو في 1993 و من 120 الف مستوطن الي 700 الف ميتوطن اليوم 2023 في  وصاروا متقلدين للمناصب الرئيسية في اكيان الصهيوني)  .إن جوهر الصراع ولب القضية الفلسطينية والاستراتيجية الوحيدة  لمقاربتها  هو ذلك القانون الخالد الذي قال به الزعيم القومي الراحل جمال عبدالناصر في عمق وبساطة وحكمة : (ما أخذ بالقوة لن يسترد الا بالقوة ) وتلك عصارة وفلسفة المقاومة عبر التاريخ ..والله أعلم ا